فاتورةٌ باهظةٌ ونتائجٌ محدودةٌ.. كلُّ ما تريد معرفته عن خسائر أمريكا في حملتها على الحوثيين في اليمن - إقرأ

عربى بوست 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

عانت الحملة العسكرية الأمريكية ضد الحوثيين في اليمن من خسائر كبيرة مادية ولوجستية، كان آخرها ما أعلنته البحرية الأمريكية، الإثنين 29 أبريل/نيسان 2025، عن إصابة بحار إثر سقوط مقاتلةٍ من طراز "إف 18" من على متن حاملة الطائرات "ترومان" أثناء عملياتٍ في البحر الأحمر. 

وكان ترامب قد وجه في 15 مارس/آذار 2025 بشن غاراتٍ جوية وبحرية واسعة النطاق على عشرات الأهداف في اليمن، في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون. وتقول الولايات المتحدة إنها ستواصل قصف اليمن حتى يتوقف الحوثيون عن استهداف السفن المرتبطة بإسرائيل. 

وشنّت جماعة الحوثي، التي تسيطر على معظم أنحاء اليمن منذ عشر سنوات، هجماتٍ على السفن قبالة السواحل اليمنية، بدأتها في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، بعد أن شنّ جيش الاحتلال الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، قائلةً إنها تفعل ذلك دعماً للفلسطينيين في القطاع المحاصر. 

الحوثيين
طائرة أمريكية تنطلق من حاملة الطائرات هاري إس ترومان في البحر الأحمر قبل الغارات الجوية على صنعاء في اليمن في 15 مارس 2025 – البحرية الأمريكية

وتعرضت حملة ترامب ضد الحوثيين لانتقاداتٍ واسعة، بعدما كشفت تقارير عن التكلفة الإجمالية الكبيرة للعملية العسكرية الأمريكية ضد الجماعة اليمنية، ولم يكن لها سوى تأثيرٍ محدودٍ في تدمير قدراتهم.

ما هي الخسائر العسكرية الأمريكية في حملتها ضد الحوثيين؟

أولاً: الكلفة المادية

قالت مصادر أمريكية إن الحملة العسكرية الأمريكية ضد الحوثيين في اليمن كلفت حوالي 3 مليارات دولار حتى الآن منذ انطلاقها في منتصف مارس/آذار الماضي.

وكلفت الحملة مئات الملايين من الدولارات من الذخائر لشن الضربات في اليمن، بما في ذلك صواريخ كروز بعيدة المدى من طراز JASSM، وقنابل JSOW، وهي قنابل انزلاقية موجهة بنظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، وصواريخ توماهوك، وفق تقرير لشبكة سي إن إن.

وقال مسؤولون إن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) استخدمت في غضون ثلاثة أسابيع فقط من بداية الحملة ذخيرةً بقيمة 200 مليون دولار، بالإضافة إلى التكاليف التشغيلية والبشرية الهائلة لنشر حاملتي طائرات، وقاذفات بي-2 إضافية، وطائرات مقاتلة، بالإضافة إلى أنظمة الدفاع الجوي باتريوت وثاد في الشرق الأوسط.

وقال أحد المصادر إن البنتاغون سيكون بحاجة إلى طلب تمويل إضافي من الكونغرس لمواصلة العملية، لكنه قد لا يحصل على التمويل المطلوب.

وقال مسؤولون دفاعيون في وقت سابق إن قاذفات بي-2 التي تنطلق من قاعدة دييغو غارسيا في المحيط الهندي تُستخدم أيضاً لشن ضربات ضد الحوثيين.

ثانياً: خسائر لوجستية

وبجانب الكلفة المادية العالية التي تتكبدها الحملة الأمريكية في اليمن، رصدت تقارير جانباً من الخسائر اللوجستية التي شملت طائرات مقاتلة وطائرات بدون طيار والمئات من الصواريخ والقذائف الاستراتيجية.

يأتي ذلك في الوقت الذي تزيد فيه حملة القصف من أعباء إمدادات الأسلحة الأمريكية، التي تكافح بالفعل لمواكبة شحنات الأسلحة المستمرة إلى أوكرانيا منذ ثلاث سنوات، والجهود السابقة ضد الحوثيين، ودعم الترسانة العسكرية الإسرائيلية، والدفاعات ضد الهجمات الإيرانية.

ويمكن رصد الخسائر اللوجستية على النحو التالي:

  • مقاتلة من طراز "إف 18" 

أعلنت البحرية الأمريكية، الإثنين، أن مقاتلة من طراز "إف 18" كانت قيد السحب عندما فقد طاقم النقل السيطرة عليها لتسقط في البحر، في أعقاب إعلان الحوثيين استهداف حاملة الطائرات "ترومان".

ووفق بيان البحرية الأمريكية، أصيب بحار إثر سقوط المقاتلة من على متن حاملة الطائرات التي انعطفت بشدة بينما كانت تتفادى نيران الحوثيين.

وأشارت إلى أن "جميع أفراد الطاقم المتبقين بخير، فيما يجري حالياً التحقيق بملابسات الحادث".

ونقلت شبكة سي إن إن الأمريكية عن مسؤول مطلع (لم تسمّه) قوله إن "الطائرة غرقت، وتبلغ تكلفة طائرة مقاتلة من طراز إف 18 أكثر من 60 مليون دولار".

ولم يتم الكشف عن التفاصيل الدقيقة للانعطاف الذي قامت به حاملة الطائرات لتجنب نيران الحوثيين، لكن الصور ومقاطع الفيديو للسفينة على موقع البنتاغون تظهر أن السفن الضخمة يمكنها أن تنحرف بشكل كبير في منعطف عالي السرعة.

جاء ذلك بعد ساعات من إعلان المتحدث العسكري لقوات الحوثيين يحيى سريع، في بيان متلفز، استهداف حاملة الطائرات الأمريكية "ترومان" في البحر الأحمر، في إطار "الرد على مجازر العدو الأمريكي بحق المدنيين في اليمن".

ورجح الحوثيون، الثلاثاء، تعرض حاملة الطائرات الأمريكية "ترومان" لإصابة "مباشرة"، وتوقعت مغادرتها البحر الأحمر "قريباً".

جاء ذلك وفق تصريح لمصدر بوزارة الدفاع في حكومة الحوثيين (غير معترف بها دولياً) نشرته وكالة الأنباء "سبأ" بنسختها التابعة للجماعة.

استهداف سفينة شحن
يحيى سريع الناطق باسم القوات التابعة لجماعة الحوثي اليمنية/ رويترز

وذكرت وكالة سبأ أن "حاملة الطائرات الأمريكية ترومان والقطع المرافقة لها ستغادر البحر الأحمر قريباً، بعد فشلها في تحقيق أهداف العدوان على اليمن".

ونقلت الوكالة عن مصدر (لم تسمه): "لا نستبعد إصابة حاملة الطائرات الأمريكية بشكل مباشر في العمليات الأخيرة للقوات المسلحة اليمنية، ونتوقع مغادرتها مسرح العمليات في أي وقت".

ولفت إلى أن "العملية الأخيرة ضد ترومان أجبرتها على التراجع نتيجة الضغط المتواصل بالصواريخ والطائرات المسيّرة اليمنية".

وذكر أن "الهجوم على حاملة الطائرات استمر لساعات عبر تكتيكات جديدة باستخدام صواريخ باليستية ومجنحة وطائرات مسيّرة".

وتابع المصدر: "لدينا معلومات عن وصول القطع المرافقة لحاملة الطائرات الأمريكية إلى قناة السويس في طريقها لمغادرة البحر الأحمر بعد فشلها في العدوان على اليمن لإيقافه عن إسناد الشعب الفلسطيني".

  • 17 طائرة مسيّرة

أشارت تقارير إلى أن الحوثيين تمكنوا من إسقاط حوالي 17 طائرة مسيّرة أمريكية من طراز "إم كيو-9" ريبر منذ بدء حملة القصف الأمريكية بعدما شن جيش الاحتلال الإسرائيلي الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

ووفقاً لدائرة أبحاث الكونغرس، تبلغ تكلفة المسيّرة الواحدة من طراز "إم كيو-9" ريبر 30 مليون دولار. وتقدر قيمة خسارة أكثر من 17 طائرة من طراز "إم كيو-9" ريبر بأكثر من 530 مليون دولار.

وصرح مسؤول دفاعي أمريكي لشبكة فوكس نيوز بأن الولايات المتحدة تمتلك 230 طائرة مسيّرة من طراز "إم كيو-9" ريبر في ترسانتها حتى ديسمبر/كانون الأول 2024.

وتُستخدم هذه الطائرات المسيّرة بشكل أساسي لجمع المعلومات الاستخبارية، ولكن يمكن تسليحها بما يصل إلى ثمانية صواريخ هيلفاير موجهة بالليزر، وفقاً لسلاح الجو الأمريكي.

ثالثاً: نفاذ أسلحة استراتيجية في المواجهة مع الصين 

أثارت العملية الأمريكية واسعة النطاق أيضاً قلق بعض المسؤولين في القيادة الأمريكية لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، الذين اشتكوا في الأيام والأسابيع الأخيرة من الكم الهائل من الأسلحة بعيدة المدى التي تستخدمها القيادة المركزية الأمريكية ضد الحوثيين، وخاصةً صواريخ جاسوم وصواريخ توماهوك، وفقاً لمصادر نقلت عنها صحيفة نيويورك تايمز.

وستكون هذه الأسلحة حاسمة في حال نشوب حرب مع الصين، ويخشى المخططون العسكريون في القيادة الأمريكية لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ من أن تؤثر عملية القيادة المركزية سلباً على جاهزية الجيش الأمريكي في المحيط الهادئ.

وبحسب الكاتب جيم فين من مؤسسة هيريتيج الأمريكية، فإن الولايات المتحدة – اعتباراً من أغسطس/آب 2024، أطلقت 125 صاروخاً من طراز توماهوك، وهو ما يمثل أكثر من 3% من ترسانتها من صواريخ توماهوك، على الحوثيين. 

ووفقًا لحساباته، يبلغ الحد الأقصى لعدد الصواريخ القياسية في المخزون الأمريكي (العدد الدقيق سري) 11,000 صاروخ. 

وحتى أغسطس/آب 2024، أطلقت الولايات المتحدة 155 صاروخاً قياسياً، وهو ما يُمثل حوالي 1% من الحد الأقصى للمخزون الأمريكي. وحسب النوع، تتراوح تكلفة تصنيع الصواريخ القياسية بين مليوني دولار و12 مليون دولار للوحدة. 

وقال فين: "في حرب ضد الصين، تُعد هذه الذخائر بالغة الأهمية. صحيح أن الحوثيين يشكلون تهديداً صغيراً نسبياً، وأقل تطوراً، وأقل فتكاً من الصين، إلا أنهم أثبتوا أنهم يُشكلون مشكلة مُلحة للولايات المتحدة وحلفائها. إذا تطلب الأمر مئات الصواريخ لصد هجمات الحوثيين – بنجاح محدود – فسيتطلب الأمر المزيد لمواجهة التهديد الصيني".

خيارات نتنياهو مع حماس
جيش الاحتلال في قطاع غزة / الأناضول

نجاح محدود

ورغم هذه التكلفة العالية للحملة التي شملت استهداف 1000 هدف حتى الآن، أقرّ مسؤولون في البنتاغون بأن النجاح في تدمير ترسانة الحوثيين الضخمة من الصواريخ والطائرات بدون طيار والقاذفات كان محدوداً إلى حد كبير.

وقال أحد المصادر المطلعة على العملية لشبكة سي إن إن: "لقد دمّرنا بعض المواقع، لكن ذلك لم يؤثر على قدرة الحوثيين على مواصلة قصف السفن في البحر الأحمر أو إسقاط الطائرات الأمريكية المسيرة. في هذه الأثناء، نستنفد كل طاقتنا – الذخائر والوقود ووقت الانتشار".

وقال نائب الأدميرال المتقاعد في البحرية الأمريكية كيفن دونيغان: "هؤلاء الذين يقولون: سنذهب إلى هناك ونقضي على كل من يحمل لقب الحوثي وسننتصر. لقد قُضي على قيادة الحوثيين في الماضي، وهم صامدون. لقد عادوا وازدادوا قوة. لذا، فالأمر ليس مجرد حرب لمرة واحدة".

كما وصف جميع الأشخاص المطلعين على العملية المسؤولين الحوثيين الذين قُتلوا في الضربات الأمريكية بأنهم من المستوى المتوسط، أي ما يُشبه "الإدارة الوسطى". وقال مسؤولون إن أحد الاستثناءات هو المسؤول الحوثي عن عمليات الطائرات بدون طيار للجماعة، والذي قُتل في ضربة الشهر الماضي.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق