أعلنت النيابة العامة في إسطنبول عن إصدار أوامر اعتقال بحق أكثر من 100 شخص، بينهم رئيس بلدية إسطنبول الكبرى أكرم إمام أوغلو، بتهم ارتكاب جرائم مختلفة.
حيث أوقفت الشرطة التركية أكرم إمام أوغلو، بتهم الفساد والإرهاب، من خلال القضية المشار إليها باسم "الاتفاق الحضري"، الذي جرى بين حزبي الشعب الجمهوري و"المساواة وديمقراطية الشعوب" خلال الانتخابات المحلية لعام 2024، و"مشاهد عد الأموال في مقر الحزب"، التي تتعلق بالمناقصات التي أُجريت داخل شركة "Medya A.Ş".
وبحسب بيان صادر عن مكتب المدعي العام في إسطنبول، فقد تم اعتقال أكرم إمام أوغلو في إطار تحقيقين منفصلين أجرتهما مكاتب التحقيقات في "جرائم الإرهاب" و"الجرائم المنظمة". ويواجه المشتبه بهم، ومن بينهم إمام أوغلو، اتهامات بـ"التنظيم الإجرامي، والابتزاز، والرشوة، والاحتيال، والتلاعب بالعطاءات".
وفي البيان الصادر عن مكتب المدعي العام في إسطنبول، وُصف إمام أوغلو بأنه "مشتبه بتزعمه منظمة إجرامية".
ومن بين المعتقلين أيضاً المستشار الإعلامي لإمام أوغلو، مراد أونغون، وعدد من المسؤولين من فريقه الإعلامي، ونائب مدير عام بلدية إسطنبول الكبرى، ماهر بولات، ورؤساء بلديات "شيشلي" و"بيلكدوزو".
وإلى جانب ذلك، فقد تم اعتقال الصحفي المعارض المعروف إسماعيل صايماز، في إطار التحقيقات بقضية "احتجاجات جيزي بارك" عام 2013.
وسبق ذلك إعلان جامعة إسطنبول، أمس الثلاثاء، إبطال الشهادة الجامعية لرئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، بسبب حصوله عليها بطرق "ملتوية وغير قانونية".
ما التهم الموجهة إلى أكرم إمام أوغلو والمعتقلين الآخرين؟
بحسب صحيفة "صباح" التركية، فإن أكرم إمام أوغلو والمعتقلين الآخرين يواجهون سبع تهم، وهي:
- قيادة منظمة إجرامية.
- عضوية منظمة إجرامية.
- الاحتيال الشديد.
- الرشوة.
- الاستحواذ غير المشروع على البيانات الشخصية.
- تزوير مناقصات.
- المحسوبية واستغلال الوظيفة العامة.
تفاصيل التحقيقات المتعلقة بالفساد
ويندرج تحت بند التحقيقات في القضايا المتعلقة بالفساد تهم القيام بمناقصات غير نظامية في فروع البلدية، والتلاعب بالعطاءات، وعمليات الاحتيال، والاستحواذ غير القانوني على البيانات الشخصية، وأنشطة الرشوة المنظمة.
وبدأ التحقيق في أعقاب الحادثة المعروفة باسم "فيديوهات عد النقود في حزب الشعب الجمهوري"، حيث تم تداول مقطع فيديو لشخص غير معروف يقوم بإخراج الأوراق النقدية من حقيبة سوداء، ويضعها على الطاولة، على منصات التواصل الاجتماعي قبل نحو عام.
وتشير التحقيقات إلى أن إمام أوغلو عيَّن أشخاصاً مقربين منه في مناصب مهمة في بلدية إسطنبول الكبرى، منذ توليه منصب رئيس بلدية "بيلكدوزو"، وشكَّل منظمة إجرامية لتحقيق الأرباح من خلال هذا التشكيل.
ووفقاً للتحقيقات، فإن 14 عقاراً في منطقة "أياغزا" في "ساريير"، تم بيعها من مسؤول شركة في 11 ديسمبر/كانون الأول 2019 لحزب الشعب الجمهوري، وأن الأموال تعود لذلك.
وينظم قانون الأحزاب السياسية في تركيا امتلاك الأحزاب للعقارات وكيفية توفير الدخل لها، وتتم الرقابة المالية على الأحزاب السياسية من قبل المحكمة الدستورية.
وتشير لائحة الاتهام الصادرة عن النيابة العامة إلى أن إمام أوغلو تزعم "منظمة إجرامية ربحية"، ومن بين المعتقلين في هذه القضية: مراد أونغون، ومدير حملة إمام أوغلو، نجاتي أوزكان، والمغني التركي، إركان ساتجي، ومدير عام شركة إمام أوغلو للإنشاءات، تومجاي يلماز، والمدير العام لبلدية إسطنبول الكبرى، جان أكين شاغلار، ومدير عام الثقافة في بلدية إسطنبول، مراد عباس.
وتذكر اللائحة أن الشبكة التي شكلها إمام أوغلو عقدت مناقصات غير قانونية، وارتكبت عمليات احتيال ورشاوى وغسيل أموال، واستخدمت البيانات الشخصية بشكل غير قانوني، واستغلت موارد البلدية في استثمارات شخصية.
كما تضيف اللائحة أن رجال الأعمال الذين لم يدفعوا رشاوى لهم تعرضوا للتهديد.
القضايا المتعلقة بـ"الإرهاب"
أما التحقيق الثاني الذي تجريه النيابة العامة، فهو يتعلق بما يسمى "الاتفاق الحضري"، في الانتخابات المحلية التي أُجريت في 31 مارس/آذار 2024.
و"الاتفاق الحضري" جرى بين حزبي "الشعب الجمهوري" و"المساواة وديمقراطية الشعوب"، وبموجبه يمتنع الحزب الكردي عن الدفع بمرشحين في بعض الدوائر الانتخابية بالمناطق الغربية لصالح مرشحي حزب الشعب الجمهوري.
لكن النيابة العامة تشير في تحقيقاتها إلى أن الهدف من ذلك هو دعم وزيادة نفوذ حزب العمال الكردستاني في المناطق الحضرية، وقد أشرف على هذه العملية القياديان البارزان في منظمة العمال الكردستاني، جميل بايك ومصطفى كاراسو.
وتذكر النيابة العامة أن بعض أعضاء المجالس البلدية ونواب رؤساء البلديات الذين تم اختيارهم من حزب الشعب الجمهوري، تبيَّن أن لهم صلات بالإرهاب.
وأشارت تحقيقات النيابة العامة إلى أن تلك الشخصيات، وقبل أيام من الانتخابات التي أُجريت في 13 مارس/آذار 2024، قاموا بالانتساب إلى حزب الشعب الجمهوري، رغم صلاتهم بالإرهاب، حيث تم اعتقال 18 شخصاً منهم.
وأكد البيان أن إمام أوغلو، إلى جانب مشتبه بهم آخرين، وافقوا شخصياً على قوائم أعضاء المجلس البلدي في الانتخابات المحلية، وبالتالي تم اتهامهم بارتكاب جريمة مساعدة "منظمة العمال الكردستاني الإرهابية".
وعلى خلفية هذه القضية، اعتقلت الشرطة التركية، إلى جانب إمام أوغلو، رئيس بلدية شيشلي بإسطنبول، رسول أكرم شاهان، ونائبته، ونائب مدير عام بلدية إسطنبول الكبرى، ماهر بولات.
ما هي الإجراءات التي اتخذتها السلطات بعد اعتقال إمام أوغلو؟
وفي أعقاب اعتقال إمام أوغلو، أعلنت ولاية إسطنبول حظر كافة التجمعات والاحتجاجات أو الإدلاء بمؤتمرات صحفية في المدينة لمدة أربعة أيام.
كما تم إلغاء بعض خطوط المترو، وإغلاق العديد من الطرق أمام حركة المرور، وخاصة تلك القريبة من مقر بلدية إسطنبول الكبرى.
في سياق متصل، قالت منظمة مراقبة الإنترنت "نت بلوكس" إن تركيا قيدت الوصول إلى العديد من منصات التواصل الاجتماعي، ومنها إكس ويوتيوب وإنستغرام وتيك توك.
هل سيتم تعيين "وصي" على بلدية إسطنبول الكبرى؟
وفي أعقاب توقيف إمام أوغلو، برزت مسألة فرض الوصاية على بلدية إسطنبول، وبما أن العملية تقع ضمن نطاق تحقيق في "قضية إرهابية"، فإنه من المرجح أن يتم تعيين وصي على البلدية، بحسب صحيفة "يني شفق".
وفي حال أصدرت المحكمة مذكرة اعتقال بحق إمام أوغلو، فإن عزله من منصبه وتعيين أوصياء مكانه قد يكون على جدول الأعمال، وفقاً للمادة 127 من الدستور التركي، والمادتين 45 و46 من قانون البلديات.
وبموجب القانون التركي، يتم فرض الوصاية لأسباب أمنية أو بناءً على ادعاءات بوجود مخالفات مالية، وتقع هذه المسؤولية على وزارة الداخلية.
ووفقاً للمادة 45 من قانون البلديات، في حال عزل رئيس البلدية أو نائبه أو عضو بلدي من منصبه، أو اعتقاله، أو منعه من القيام بالخدمة العامة، أو إنهاء عضويته في رئاسة البلدية أو المجلس بسبب جرائم تتعلق بالإرهاب، فإنه يحق لوزير الداخلية تعيين بديل عنه، ولا يشترط في الشخص المعين سوى الأهلية للانتخاب.
كما أنه وفقاً للمادة 47 من قانون البلديات، يجوز لوزير الداخلية إيقاف الهيئات البلدية أو أعضاء هذه الهيئات الذين يتم التحقيق معهم أو مقاضاتهم بسبب جريمة تتعلق بواجباتهم، عن العمل حتى صدور قرار نهائي.
أخبار متعلقة :