اتهم البيت الأبيض الأربعاء القضاة الذين أصدروا قرارات بتعليق أو إلغاء بعض إجراءات الإدارة الحالية ب«تقويض» السلطة الرئاسية لدونالد ترامب، الأمر الذي قد يؤدي إلى أزمة دستورية محتملة تلوح في الأفق بحسب خبراء قانونيين، إذا تحدت إدارة ترامب قرارات قضائية صراحة وعلناً.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت في مؤتمر صحفي غداة دعوة ترامب إلى إقالة القاضي الذي علق عملية ترحيل المهاجرين «إنهم لا يقوضون إرادة الرئيس والرئيس التنفيذي لبلدنا فحسب، بل يقوضون أيضاً إرادة الشعب الأميركي».
وأضافت «من الواضح للغاية أن هذا قاض يحاول تقويض سلطة الرئيس».
وفاقمت محاولة ترامب جمع السلطات في السلطة التنفيذية المخاوف من إمكان تحديه القضاء علناً، ومن شأن ذلك أن يفضي إلى أزمة دستورية.
ودعا ترامب الثلاثاء إلى عزل قاض فدرالي، معتبراً أنه «قاض يساري راديكالي مجنون ومفتعل للمشاكل ومثير للفتن عيّنه للأسف باراك حسين أوباما».
وصدر تأنيب علني من رئيس المحكمة العليا جون روبرتس للرئيس الأمريكي على خلفية دعوته إلى عزل القاضي المذكور.
وقال روبرتس في بيان «على مدى أكثر من قرنين، ثبت أن العزل ليس رداً مناسباً على الخلاف المتعلق بقرار قضائي» مضيفا أن «عملية المراجعة في الاستئناف موجودة لهذا الغرض».
تأنيب نادر
وجاء تأنيب روبرتس النادر بحق أي رئيس أمريكي بعدما دعا ترامب إلى عزل قاضي محكمة مقاطعة يدعى جيمس بوزبرغ أمر بتعليق رحلات لترحيل مهاجرين يشتبه بأنهم غير نظاميين نهاية الأسبوع.
وانتقد البيت الأبيض بشدة محاكم المقاطعات التي وقفت في طريق تمرير بعض قرارات الرئيس التنفيذية.
ويعيّن الرؤساء القضاء الفدراليين مدى الحياة ولا يمكن إقالتهم إلا إذا عزلهم مجلس النواب بسبب «جرائم كبرى وجنح» ودينوا في مجلس الشيوخ.
ويعد عزل القضاة الفدراليين أمراً نادراً علماً أن آخر مرة قام فيها الكونغرس بعزل قاض فدرالي كانت في 2010.
ولطالما هاجم ترامب، أول مدان يتولى الرئاسة، القضاة الذين ترأسوا جلسات المحاكمات في قضاياه المدنية والجنائية.
أزمة محتملة
ومن جانبه قال قاض أمريكي إن إدارة الرئيس دونالد ترامب قد تواجه عواقب إذا وَجَد أنها خالفت أمراً أصدره يمنع مؤقتاً ترحيل مئات المهاجرين القادمين من فنزويلا حتى مع منحه الحكومة مزيداً من الوقت لتوضيح تفاصيل عمليات الترحيل.
وأصدر جيمس بواسبيرج قاضي المحكمة الجزئية في واشنطن أمرا اليوم الأربعاء قال فيه إن الإدارة يمكنها أيضا الاستعانة بمبدأ أسرار الدولة، الذي يحمي المعلومات الحساسة المتعلقة بالأمن القومي من الكشف عنها في الدعاوى المدنية، ويمكنها توضيح سبب قيامها بذلك بدلا من تقديم التفاصيل.
وأشار القاضي في ذلك إلى أمثلة عن كشف وزير الخارجية ماركو روبيو طواعية عن تفاصيل الرحلات الجوية على وسائل التواصل الاجتماعي، مما يضع قضية ما إذا كان الامتثال للأمر من شأنه أن يعرض الأمن القومي للخطر موضع تساؤل.
وقالت إدارة ترامب إن القاضي يتدخل بشكل غير لائق في السلطة التقديرية الرئاسية في التعامل مع مسائل حساسة دبلوماسية وتتعلق بالأمن القومي في أحدث تصعيد في المواجهة بين السلطتين التنفيذية والقضائية في حكومة الولايات المتحدة.
وأثار هذا النزاع مخاوف من أن ترامب يوسع نطاق السلطة التنفيذية على حساب القضاء الاتحادي وهو بموجب الدستور الأمريكي فرع مساو للحكومة الأمريكية. وأعرب منتقدون لترامب وبعض الخبراء القانونيين عن قلقهم من أن أزمة دستورية محتملة تلوح في الأفق إذا تحدت إدارته قرارات قضائية صراحة وعلناً.
ترامب يطالب بعزل القاضي
ودعا ترامب في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي أمس الثلاثاء إلى مساءلة بواسبيرج في الكونجرس بما قد يفضي إلى عزلة ووصف القاضي بأنه «مثير للشغب ومحرض» من أقصى اليسار.
دفعت تعليقات ترامب رئيس القضاة جون روبرتس العضو في الأغلبية المحافظة في المحكمة العليا الأمريكية إلى إصدار بيان نادر. وقال روبرتس إن استئناف الأحكام القضائية، وليس المساءلة والعزل، هو الرد المناسب عند الاختلاف مع قرار أصدره قاض.