نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
صحافة القرن الواحد والعشرين - إقرأ, اليوم الاثنين 28 أبريل 2025 12:21 صباحاً
يلعب الذكاء الاصطناعي اليوم دورا محوريا في حياتنا اليومية. وكانت وسائل الإعلام من أوائل من دمج خوارزميات الذكاء الاصطناعي في سير عملها، إذ سعت باستمرار إلى إيجاد طرق لتحسين جودة منشوراتها وكميتها وسرعتها. ولكن ما هي الفرص والتحديات والمخاطر التي يواجهها صحفيو القرن الحادي والعشرين عند استخدام الذكاء الاصطناعي في مهنتهم؟
اليوم، يختار المستخدمون - سواء كانوا قراء أو مشاهدين - المصادر الإعلامية التي تسبق في نشر معلومات أو أخبار محددة. فإذا لم تكن وكالة أنباء سبّاقة في نشر خبرٍ ما، خاصة إذا كان حصريا، فمن غير المرجح أن تحتل المركز الثاني؛ بل على الأرجح ستُهمل وستُهمل في آخر نتائج البحث.
تمثل قدرة الذكاء الاصطناعي على مساعدة الصحفيين على معالجة المعلومات بسرعة فرصة هامة لتطبيقها في مجال الإعلام. يعمل الذكاء الاصطناعي كمحرر، إذ يكثف المحتوى الإخباري بكفاءة، مما يمكن الخوارزميات من تمييزه بسهولة ورفع ترتيبه في نتائج البحث. عندما يتلقى الصحفيون مواد فيديو أو صورا حصرية، يُمكنهم إضافة شعار أو علامة مائية بسرعة للحفاظ على الحصرية التي تعزز الشعبية والاعتراف والأولوية في التقارير الإخبارية.
علاوة على ذلك، يتزايد عدد المواد التي تتطلب تشويش أجزاء معينة منها لتجنب حظر الحسابات. يعد هذا الإجراء الأمني، الذي يستخدم تأثيرات التشويش، ميزة أخرى لدمج الذكاء الاصطناعي في الصحافة. وتعد الحاجة إلى نشر الأخبار بسرعة للتفوق على وسائل الإعلام المنافسة أمرا شائعا بين القنوات الإخبارية والوكالات والبوابات الالكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي مثل X وTelegram وغيرها.
تتكون طبقة منفصلة من الوسائط التي تتيح للقراء تعمقا أكثر في الموضوع، من خلال تناول الحقائق والبيانات التاريخية المتعلقة بحدث معين. عند إعداد التقارير التحليلية، أو الروايات التاريخية، أو البرامج السياسية، أو المقالات المطولة، يمكن للصحفيين استخدام الذكاء الاصطناعي للوصول إلى ثروة من المعلومات تتجاوز بكثير ما يمكن العثور عليه من خلال البحث اليدوي. في هذا السياق يساعد الذكاء الاصطناعي في البحث عن قواعد البيانات والوثائق التاريخية وتحليلها، مما يقدم أبحاثا ذات صلة في مجالات محددة.
الذكاء الاصطناعي ضروري أيضا للصحافة الاستقصائية. غالبا ما يحتاج المحررون والمراسلون في هذا النوع من الصحافة إلى التعمق في المواضيع، والتحقق من موثوقية المعلومات والحقائق، مع العمل على كشف الأخبار الكاذبة. في السابق، ربما كانت بعض البيانات تربك الصحفيين، أما اليوم فيقضي الذكاء الاصطناعي بفعالية على البيانات الكاذبة في المرحلة الأولية، مما يبسط عملية البحث عن الحقيقة في تحقيقاتهم.
في خضم سيل الأخبار والمحتوى، يساعد الذكاء الاصطناعي في تحديد القارئ أو المشاهد الذي ينتظر منشورك أو خبرك أو برنامجك. وهكذا، بمساعدة الذكاء الاصطناعي، يمكن للصحفي الآن دراسة جمهوره وطلباته، وإنشاء محتوى أكثر تخصيصا واستهدافا في دقائق معدودة دون الحاجة إلى دراسات ثابتة واسعة النطاق.
من أهم مزايا استخدام الذكاء الاصطناعي في الصحافة في عصر العولمة وترابط وسائل الإعلام قدراته اللغوية. فقدرة الذكاء الاصطناعي على التعرف على اللغة الطبيعية ومعالجتها تمكن الصحفيين من مختلف البلدان من الوصول إلى المعلومات دون عوائق لغوية. وهذا مفيد بشكل خاص للصحفيين غير الناطقين باللغة العربية في الشرق الأوسط، حيث توجد اختلافات كبيرة في النطق واللهجات. وبالتالي، فإن أتمتة إعداد المواد، وتسريع سرعة النشر، والتحليل المتعمق للمواد التكميلية، وكشف المعلومات الخاطئة، والتفاعل السلس مع لغات المصدر - كل هذه الميزات - تمثل الفرص الأساسية التي يوفرها الذكاء الاصطناعي للصحفيين اليوم.
ومع وجود العديد من المزايا لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الصحافة إلا أنه يوجد تحديات محتملة مرتبطة باستخدامه في الإعلام والتلاعب بالخوارزميات، لا سيما في الإعلام البديل. غالبا ما تعمل هذه الوسائط على منصات تولي الأولوية للامركزية، مثل شبكات البلوك تشين أو منصات التواصل الاجتماعي اللامركزية. تتيح هذه الخاصية استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي في هذه الوسائط بطريقة أكثر تركيزا على المجتمع. وعلى عكس شبكات التواصل الاجتماعي الكبيرة، حيث تهدف الخوارزميات عادة إلى تعظيم التفاعل وإيرادات الإعلانات، يمكن للإعلام البديل الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لخدمة أهداف مختلفة، مثل الترويج لأيديولوجية معينة أو دعم مجتمع معين.
ومع ذلك، يمكن استغلال خوارزميات الذكاء الاصطناعي نفسها لنشر معلومات مضللة أو التلاعب بالرأي العام. إذ يمكن لخوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي المدعومة بالذكاء الاصطناعي إنشاء ما يسمى بفقاعات المعلومات، حيث لا يرى المستخدمون فيها سوى المعلومات التي تتوافق مع معتقداتهم، مما يؤدي إلى مزيد من الاستقطاب. وغالبا ما تجمع أنظمة الذكاء الاصطناعي في وسائل الإعلام كميات هائلة من بيانات المستخدمين الشخصية، بما في ذلك سجل المشاهدة والتفضيلات والبيانات الديموغرافية وغيرها، لعرض المحتوى الذي يرغب القارئ في مشاهدته. وهذا يثير مخاوف بشأن احتمال إساءة استخدام هذه البيانات، وتسريب المعلومات، وانتهاك الخصوصية.
يشكل تضاؤل دور العنصر البشري في إنتاج الأخبار والمحتوى عبر الذكاء الاصطناعي مخاطر كبيرة على المشهد الإعلامي.
وتؤثر هذه المشكلة بشكل خاص على أنواع الصحافة التي تعتمد على النص متعدد الأنماط للمحتوى، مثل منشورات الرسوم المتحركة أو تلك التي تستخدم السخرية كوسيلة لنقل المعلومات. يمكن العامل البشري في الصحافة القراء من فهم مستوى سعة اطلاع الكاتب، حيث غالبا ما يستخدم المؤلفون أساليب لغوية مختلفة، مثل الجناس والتلاعب بالألفاظ والمبالغة، لنقل معانٍ أعمق في الأخبار. وبينما يمكن للذكاء الاصطناعي توليد تلاعب لغوي آلي، إلا أنه غالبا ما يفشل في تنفيذ هذه التقنيات، حيث يتطلب إنشاؤها فهما دقيقا للعالم ووجهات النظر والسياق الاجتماعي والثقافي الذي يشكل حياة الصحفي.
ختاما، إن الذكاء الاصطناعي يتطور في مجال الإعلام بوتيرة سريعة. وكما هو الحال مع العملة المعدنية، فإن استخدام الذكاء الاصطناعي في الصحافة له جانبان. من جهة، تعد سرعة النشر والترجمة والتحقق والتحرير للمحتوى مزايا مهمة يقدمها الذكاء الاصطناعي للصحفيين. إلا أن هذه السرعة قد تؤدي أيضا إلى انخفاض الجودة، واحتمالية تسريب المعلومات، والتلاعب بالخوارزميات. وعليه من الضروري تذكر أن الذكاء الاصطناعي لا ينتج أو يصور أو يقدم محتوى إعلاميا بشكل مستقل. الصحفيون هم من يخدمون الجمهور، القراء والمشاهدين على حد سواء. لذلك، يعمل الذكاء الاصطناعي حاليا كمساعد للصحفيين وليس بديلا لهم.
بالنسبة لأي قارئ غير مقتنع بالتطور السريع في هذا المجال، تمت كتابة هذه المقالة وتحريرها بمساعدة الذكاء الاصطناعي.
0 تعليق